فصل: البلاغة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.[سورة الأنبياء: الآيات 56- 61]:

{قالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّماواتِ وَالأرض الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلى ذلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (56) وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (57) فَجَعَلَهُمْ جُذاذًا إِلاَّ كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ (58) قالُوا مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ (59) قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إبراهيم (60) قالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ (61)}.

.اللغة:

{جُذاذًا}: في القاموس الجذاذ بتثليث الجيم: ما تكسر من الشيء وفعله جذّ يجذّ من باب نصر وقد تقدمت الخصائص لاجتماع الجيم والذال فاء وعينا للكلمة.

.الإعراب:

{قالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّماواتِ وَالأرض الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلى ذلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} بل حرف إضراب وربكم مبتدأ ورب السموات والأرض خبر والذي صفة لرب وجملة فطرهن صلة والضمير يعود على السموات والأرض أو على التماثيل ورجح الزمخشري الثاني لكونه أدخل في تضليلهم وأثبت للاحتجاج عليهم ويدل على ذلك أيضا قوله: {وَأَنَا عَلى ذلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} كأنه قال وسأبين لكم ذلك وأبرهن عليه، وأنا مبتدأ خبره من الشاهدين وعلى ذلك متعلقان بالشاهدين. {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ} وهذا شروع في تأكيد الطريقة الفعلية أو الدليل العملي كما يقال فالواو عاطفة والتاء تاء القسم وسيرد بحث هام عن حروف القسم الجارة في باب الفوائد والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف تقديره أقسم واللام جواب القسم وأكيدن فعل مضارع مبني على الفتح لوجوب توكيده بنون التوكيد الثقيلة وفاعله ضمير مستتر تقديره أنا و{أصنامكم} مفعول به وبعد ظرف متعلق بـ أكيدن وأن وما في حيزها مصدر مؤول مضاف إلى الظروف و{مدبرين} حال أي تعودوا إلى مجتمعاتكم. {فَجَعَلَهُمْ جُذاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ} الفاء عاطفة على محذوف تقديره فولوا وعادوا إلى مجتمعاتهم وذهب معهم إبراهيم فلما كان ببعض الطريق ألقى بنفسه وقال إني سقيم أشتكي رجلي فتركوه ومضوا فرجع إبراهيم إلى بيت الأصنام وقبالة الباب صنم عظيم والى جنبه أصغر منه وهكذا دواليك فقال لهم إبراهيم ألا تأكلون فلم ينبس أحد فانهال عليهم تكسيرا فجعلهم... والقصة بكاملها مروية في الخازن وغيره.
و{جعلهم} فعل وفاعل مستتر ومفعول به أول و{جذاذا} مفعول به ثان و{إلا} أداة استثناء لأن الكلام تام موجب و{كبيرا} مستثنى من الهاء أي لم يكسره وتركه لحبك النكتة واستكمال الهزء بهم، ولعل واسمها واليه متعلقان بيرجعون وجملة {يرجعون} خبر لعل وفي هذا من التهكم ما فيه.
{قالُوا مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ} {قالوا} فعل وفاعل ومن اسم استفهام قصد به الإنكار مبتدأ وجملة {فعل} خبر و{هذا} مفعول {فعل} و{بآلهتنا} متعلقان بفعل ولم يشيروا إليها بهؤلاء وهي أمامهم لوضع الظاهر موضع المضمر وقد تقدم بحثه وجملة {إنه لمن الظالمين} مستأنفة مسوقة لتقرير ما تقدم وتأكيد استنكارهم لما حدث وان واسمها واللام المزحلقة و{من الظالمين} خبران. {قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إبراهيم} جملة {سمعنا} مقول القول و{فتى} مفعول {سمعنا} وجملة {يذكرهم} مفعول به ثان وستأتي خاصة فعل سمع في باب الفوائد وجملة {يقال} صفة لفتى و{له} متعلقان بيقال و{إبراهيم} في رفعه عدة أوجه متساوية الرجحان أولها انه نائب فاعل، يقال أي يقال له هذا اللفظ قال الزمخشري: وهو الصحيح لأن المراد الاسم لا المسمى وثانيها أنه خبر مبتدأ محذوف أي هو إبراهيم أو هذا إبراهيم وثالثها أنه مبتدأ محذوف الخبر أي إبراهيم فاعل ذلك ورابعها انه منادى وحرف النداء محذوف أي يا إبراهيم. {قالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ} {فأتوا} الفاء الفصيحة وأتوا فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل و{به} متعلقان بقوله: {فأتوا} و{على أعين الناس} في محل نصب على الحال من الضمير المجرور بالباء أي ائتوا به حال كونه معاينا مشاهدا وسيأتي سر الاستعلاء في هذا التعبير و{لعلهم} لعل واسمها وجملة {يشهدون} خبرها أي يشهدون عليه انه الفاعل.

.الفوائد:

في هذه الآيات فوائد كثيرة نورد أهمها فيما يلي:
1- حروف القسم:
أصل حروف القسم الباء والواو مبدلة منها وانما قلنا ذلك لأنها حرف الجر الذي يضاف به فعل الحلف إلى المحلوف وذلك الفعل أحلف أو أقسم أو نحوهما ولَكِنه لما كان الفعل غير متعد وصلوه بالباء المعدية فصار أحلف باللّه أو أقسم باللّه، قال اللّه تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ} وقال الشاعر:
أقسم باللّه وآلائه ** والمرء عما قال مسئول

وقال زهير بن أبي سلمى:
فأقست بالبيت الذي طاف حوله ** رجال بنوه من قريش وجرهم

وانما خص الباء بذلك دون غيرها من حروف الجر لأمور:
أ- انه يجوز ذكر فعل القسم معها كما رأيت في الشواهد المتقدمة ولا يجوز ذلك في الواو والتاء فلا تقول أقسم واللّه ولا أقسم تاللّه.
ب- جواز دخولها على الضمير دون غيرها من الحروف تقول:
بك لأفعلن ولا تقول تك ولا وك، ومعروف أن الضمير يرد الشيء إلى أصله.
ج- استعمالها في القسم الاستعطافي وذلك أن القسم جملة انشائية يقصد بها تأكيد جملة أخرى فإن كانت هذه الجملة الاخرى انشائية أيضا فذلك هو القسم الاستعطافي نحو باللّه هل قام زيد أي أسألك باللّه مستحلفا. ومن القسم الاستعطافي بالباء قول المجنون:
بربك هل ضممت إليك ليلى ** قبيل الصبح أو قبلت فاها

د- اختصاص الباء دون الواو والتاء بمجيئها لغير القسم وهو ظاهر.
ولما كثر استعمال ذلك في الحلف آثروا التخفيف فحذفوا.
و{فعله كبيرهم} فعل ومفعول به وفاعل مؤخر و{هذا} نعت لكبيرهم أو بدل منه والفاء الفصيحة واسألوهم فعل أمر وفاعل ومفعول به و{إن} شرطية و{كانوا} فعل ماض ناقص في محل جزم فعل الشرط والواو اسمها وجملة {ينطقون} خبرها وجواب الشرط محذوف دل عليه ما قبله أي فاسألوهم. {فَرَجَعُوا إِلى أَنْفُسِهِمْ فَقالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ} الفاء عاطفة ورجعوا فعل ماض وفاعل و{إلى أنفسهم} متعلقان برجعوا {فقالوا} عطف على فرجعوا و{إنكم} ان واسمها وجملة {أنتم الظالمون} خبرها ولك أن تجعل {أنتم} ضمير فصل و{الظالمون} خبر إن.
{ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ} {ثم} حرف عطف للتراخي وسيأتي معنى التنكيس في باب البلاغة و{نكسوا} فعل ونائب فاعل و{على رءوسهم} حال أي كائنين على رءوسهم ولك أن تعلقه بنفس الفعل ومعنى التنكيس القلب يقال نكس رأسه ونكسه مخففا ومشددا أي طأطأه حتى صار أعلاه أسفله واللام جواب للقسم المحذوف وقد حرف تحقيق و{علمت} فعل وفاعل والخطاب لإبراهيم والجملة معمول لقول محذوف في موضع الحال و{ما} نافية حجازية و{هؤلاء} اسمها وجملة {ينطقون} خبرها وجملة {ما هؤلاء ينطقون} في موضع المفعولين لعلمت أو في موضع المفعول الواحد إن كانت علمت بمعنى عرفت. {قالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلا يَضُرُّكُمْ} الهمزة للاستفهام الإنكاري والفاء عاطفة على محذوف وتعبدون فعل مضارع مرفوع والواو فاعل و{من دون اللّه} حال و{ما} مفعول به وجملة {لا ينفعكم} صلة وشيئا مفعول مطلق و{لا يضركم} عطف على {لا ينفعكم} {أُفٍّ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ} {أف} اسم فعل مضارع وقد تقدمت اللغات فيها ومعناه أتضجر و{لكم} متعلقان بمحذوف حال لأن اللام للبيان بالنسبة للمتأفف و{لما تعبدون} عطف على {لكم} وجملة {تعبدون} صلة و{من دون اللّه} حال {أفلا} الهمزة للاستفهام الإنكاري والفاء عاطفة على محذوف ولا نافية و{تعقلون} فعل مضارع والواو فاعل. {قالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ} {حرقوه} فعل أمر وفاعل ومفعول به والجملة مقول القول {وانصروا} فعل أمر وفاعل و{آلهتكم} مفعول به و{إن} شرطية و{كنتم} فعل الشرط والتاء اسم كان و{فاعلين} خبرها وجواب ان محذوف دل عليه ما قبله أي فحرقوه وانصروا آلهتكم.
{قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلى إبراهيم} لابد من تقدير جمل محذوفة أي فأزمعوا أمرهم على حرقه فجمعوا الحطب الكثير وأضرموا النار وأوثقوا إبراهيم وجعلوه في منجنيق ورموه في النار، و{قلنا} فعل وفاعل و{يا} حرف نداء و{نار} منادى نكرة مقصودة مبني على الضم في محل نصب و{كوني} فعل أمر ناقص والياء اسمها و{بردا} خبرها و{سلاما} عطف على {بردا} و{على إبراهيم} صفة {سلاما}.
{وَأَرادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْناهُمُ الأخسرين} الواو حرف عطف و{أرادوا} فعل ماض وفاعل و{به} متعلقان بأرادوا و{كيدا} مفعول به، {فجعلناهم} الفاء حرف عطف وجعلناهم عطف على {أرادوا} و{الأخسرين} مفعول به ثان.

.البلاغة:

1- تجاهل العارف: في قوله: {أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا يا إبراهيم} فن طريف من فنونهم يسمى تجاهل العارف وهو سؤال المتكلم عما يعلمه حقيقة تجاهلا منه ليخرج الكلام مخرج المدح أو الذم أو ليدل على شدة الوله في الحب أو لقصد التعجب أو التوبيخ أو التقرير وهو على قسمين موجب ومنفي والآية التي نحن بصددها من التجاهل الموجب الجاري مجرى التقرير.
2- التعريض: في قوله: {فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ} فن التعريض، وقد تقدمت الإشارة إليه أكثر من مرة، أراد عليه الصلاة والسلام أن يبين لهم أن من لا يتكلم ولا يعلم ليس بمستحق للعبادة ولا يصح في العقل أن يطلق عليه أنه إله، فأخرج الكلام مخرج التعريض لهم بما يوقعهم في الاعتراف بأن الجمادات التي عبدوها ليست بآلهة لانهم إذا قالوا لا ينطقون قال لهم: فكيف تعبدون من يعجز عن النطق ويقصر عن أن يعلم بما يقع عنده في المكان الذي هو فيه، فهذا الكلام من فرض الباطل مع الخصم حتى تلزمه الحجة ويعترف بالحق فإن ذلك أقطع لشبهته وأدفع لمكابرته.

.[سورة الأنبياء: الآيات 71- 75]:

{وَنَجَّيْناهُ وَلُوطًا إِلَى الأرض الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ (71) وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً وَكُلًا جَعَلْنا صالِحِينَ (72) وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ (73) وَلُوطًا آتَيْناهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ (74) وَأَدْخَلْناهُ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (75)}.

.الإعراب:

{وَنَجَّيْناهُ وَلُوطًا إِلَى الأرض الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ} الواو عاطفة و{نجيناه} فعل وفاعل ومفعول به {ولوطا} معطوف على الهاء أو مفعول معه والواو واو المعية وهو ابن أخيه فنقلناه من أرض نمروذ بالعراق، {إلى الأرض} متعلقان بنجيناه أو بمحذوف حال و{التي} صفة للأرض وجملة {باركنا فيها للعالمين} صلة و{فيها} حال و{للعالمين} متعلقان بباركنا وهي قرى بيت المقدس بفلسطين وسيأتي بحث هام عن فلسطين لغة في باب الفوائد.
{وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ} الواو حرف عطف و{وهبنا} فعل وفاعل و{له} متعلقان بوهبنا و{إسحق} مفعول به {ويعقوب} عطف على {إسحق} و{نافلة} حال من {يعقوب} أي أعطي يعقوب زيادة من غير سؤال وإذا جعلت معنى نافلة عطية فيكون انتصابها على المفعولية المطلقة من معنى العامل وهو وهبنا لأن الهبة والعطية متقاربان في المعنى و{كلّا} مفعول أول لجعلنا مقدم و{جعلنا} فعل وفاعل و{صالحين} مفعول به ثان. {وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا} {وجعلناهم} فعل وفاعل ومفعول به و{أئمة} مفعول به ثان وجملة {يهدون بأمرنا} صفة لأئمة و{بأمرنا} حال أي {يهدون} إلى ديننا ملتبسين بأمرنا. {وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ} {وأوحينا} عطف على ما تقدم و{إليهم} متعلقان بأوحينا و{فعل الخيرات} مفعول به و{إقام الصلاة} عطف على {فعل الخيرات} وكذلك {إيتاء الزكا}ة، {وكانوا} الواو عاطفة و{كانوا} كان واسمها و{عابدين} خبرها و{لنا} متعلقان بعابدين. {وَلُوطًا آتَيْناهُ حُكْمًا وَعِلْمًا} {ولوطا} منصوب بفعل محذوف يفسره ما بعده أي آتينا لوطا فهو من باب الاشتغال وجملة {آتيناه} مفسرة لا محل لها و{حكما} مفعول ثان لآتيناه و{علما} معطوف على {حكما}.
{وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ} {ونجيناه} فعل وفاعل ومفعول به و{من القرية} متعلقان بنجيناه و{التي} صفة للقرية وجملة {كانت} صلة واسم كانت ضمير مستتر تقديره هي وجملة {تعمل الخبائث} خبر {كانت} وجملة {إنهم} تعليلية لا محل لها وان اسمها وجملة {كانوا} خبرها و{قوم} خبر {كانوا} و{سوء} مضاف لقوم و{فاسقين} صفة لقوم. {وَأَدْخَلْناهُ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ} {في رحمتنا} متعلقان بأدخلناه وجملة {انه من الصالحين} تعليلية وان واسمها والجار والمجرور خبرها.

.البلاغة:

في هذه الآيات مجازان الأول في قوله: {وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ} والمراد أهلها لأنهم كانوا يمارسون الخبائث أي الأعمال القبيحة من اللواط والرمي بالبندق واللعب بالطيور وغيرها.
والثاني في قوله: {وَأَدْخَلْناهُ فِي رَحْمَتِنا} أي في جنتنا لأنها مكان الرحمة فهو مجاز مرسل علاقته المحلية.

.الفوائد:

1- فلسطين:
فلسطين بفتح الفاء وكسرها مع فتح اللام لا غير قرى بيت المقدس وفي القاموس: فلسطون وفلسطين وقد تفتح فاؤهما: كورة بالشام وقرية بالعراق تقول في حال الرفع بالواو وفي حال النصب والجر بالياء أو تلزمها الياء في كل حال والنسبة فلسطي هذا ويجوز في هذا النوع أي المسمى بجمع المذكر السالم أن يعرب بالحركات الثلاثة ظاهرة على النون حال كونه لم يكن أعجميا وإن كان أعجميا أعرب إعراب ما لا ينصرف أي لا ينون ويجر بالفتحة ويجوز فيه أن يعرب إعراب جمع المذكر السالم.
2- إقام الصلاة وإيتاء الزكاة:
{إِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ} القاعدة في مصدر الفعل الرباعي على وزن أفعل أن يأتي على إفعال إن كان صحيح العين نحو أكرم إكراما وأوجد إيجادا فان اعتلت عينه نحو اقام وأعان وأبان جاء مصدره على إفالة كإقامة وإعانة وابانة حذفت عين المصدر وعوض منها تاء التأنيث والأصل أقوام وإعوان وإبيان فنقلت حركة الواو والياء وهي الفتحة إلى الحرف الساكن قبلهما ثم حذفتا فرارا من اجتماع الساكنين وعوض منهما التاء وقد تحذف هذه التاء من المصدر إذا أضيف كقوله تعالى: {وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ} وما كان منه معتلّ اللام مثل أعطى وأهدى وأولى قلبت لامه في المصدر همزة مثل إعطاء وإهداء وإيلاء والأصل إعطاو وإهداي وايلاي قال في شرح القاموس العرب تهمز الواو والياء إذا جاءتا بعد ألف لأن الهمزة أحمل للحركة منهما ولأنهم يستثقلون الوقف على الواو وكذلك الياء مثل الرداء أصله رداي هذا ويرجع في هذا إلى بحث الابدال في كتب النحو المطولة.